رسالة من غزة

ان ما يحدث حاليا في غزة لا يتحمل مسؤوليته فقط الكيان الصهيوني بهمجيته التي فاقت كل التوقعات، ولكن كذلك الشعوب بصمتها وجلوسها كمتفرج يحضر اخر افلام الرعب وقتل الاطفال والنساء والشيوخ.إننا بصمتنا نشارك في هذه الجريمة وهذا الارهاب الذي لا مثيل له. نعم خرجنا إلى الشوارع ونددنا في الساحات ورفعنا الشعارات لكننا في المقابل لم نبرهن لإخواننا وأخواتنا في غزة أننا جسد واحد، ولم نثبت للكيان الصهيوني أن هذا الجسد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى كما اخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم "مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم مثلُ الجسد، إِذا اشتكى منه عضو تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمِّى".

الإيمان يجب أن يصدقه العمل ووقوفنا إلى جانب أهلنا في غزة يجب أن لا يكون بالقول فقط بل بالعمل الملموس على أرض الواقع. تصوروا معي لو أرسل كل مغربي أو عربي أو مسلم أو انسان رسالة إلى عائلة في غزة ليعزيها في شهدائها، كيف سيكون احساسها؟ كيف سيكون احساس الصهاينة وهم يشاهدون الملايين من رسائل الدعم والتهنئة بالشهادة تصل إلى أهل غزة. ماذا سيحدث لو أرسل كل واحد منا درهم واحد؟ كم مليون سيصل إلى الأحبة في غزة؟ كيف سيكون احساس الصهاينة وهم يرون أن كل ما دمروه أعيد بناؤه بأموال الشرفاء من العالم.

 دعونا من الرؤساء والحكام وتعالوا لنشارك نحن في نصرة اخواننا المستضعفين في غزة ولو بابتسامة ولو بمكالمة هاتفية. ماذا لو احتضنت كل عائلة في المغرب أو في العالم عائلة في غزة؟ تعالوا نقتدي بالأنصار في كرمهم مع المهاجرين لأن إخواننا وأخواتنا في غزة لا ينتظرون منا الصدقة بل اتفاقيات وشركات تدعمهم وتعمل على تسويق منتجاتهم والدفاع عن قضيتهم، ليس فقط حين تقصف غزة بل في كل يوم وكل دقيقة، خصوصا بعد هذا العدوان الظالم الذي حتما سينتهي وستنتصر المقاومة والعزة والكرامة. قطاع غزة يعاني اليوم تحت القصف وسيعاني غدا بعد القصف ونحن مسؤولون أمام الله عز وجل وأمام التاريخ بتوفير الدعم اللازم للأسر المحتاجة والمتضررة من العدوان الاسرائيلي الغاشم.

 هذا هو مطلب الأحبة في غزة والذي عبرت عليه الأخت سلمى الزعانين ـرئيس مجلس الادارة لجمعية تطوير الأسرة الخيرية ببيت حانون بغزةـ حسب الرسالة التي توصلت بها جمعية مبدعون بلا حدود بطنجة يوم 4 غشت 2014، والتي تربطها بها شراكة منذ سنة 2011. فيما يلي نص الرسالة:

 "مرحباً أخي العزيز سعيد

أسفة عن تأخر الرد على الرسالة من قبلنا بسبب الظروف الموجودة في قطاع غزة فنحن نعاني من انقطاع التيار الكهرباء والإنترنت طيلة الأيام الماضية, ولقد أجبرنا الصهاينة على النزوح من أماكن السكن الخاصة بنا تحت القصف الشديد , وبعد عناء تمكنا من الوصول إلى مكان يوجد به الكهرباء والإنترنت لنتواصل مع الاصدقاء والمؤسسات.

لك كل التحية والتقدير على ما تبذله. هنا بغزة الكل مجروح سواء كان المصاب قريب أو بعيد لأننا كلنا أهل ولابد من الوقوف يد بيد للنمو والنهوض من بعد هذا العدوان الظالم، قطاع غزة الآن يعاني والسكان بأمس الحاجة للمساعدة بعد ان وصلنا منهم مئات المناشدات وطلب المساعدة بسبب العدوان الإسرائيلي عليهم لا يوجد بيدنا شيء نقدمه سوى الذي يقدمه الشرفاء من العالم وأصحاب القلب والضمير.

نتمنى منك يا أخي سعيد أن تساعدنا بالوصول إلى المؤسسات المعنية وبناء الجسور والشراكات معهم لنستطيع توفير الدعم اللازم للأسر المحتاجة والمتضررة من العدوان الإسرائيلي الغاشم لكم التحية والتقدير."

بدوري أتمنى من كل من يقرأ هذا المقال أن يتواصل مع المسؤولة عن الأعمال الاجتماعية والخيرية بجمعية مبدعون بلا حدود الأستاذة الباتول الراوي (batoul-ra@Hotmail.fr) لكي نتمكن جميعا من رفع الحصار على اخواننا في غزة وقهر الصهاينة، ولنبرهن لأنفسنا وللعالم بأسره أننا فعلا مؤمنون، متراحمون، متعاطفون ومتوادون مع إخواننا في غزة.

 

سعيد بحاجين

باحث في كرسي اليونسكو لفلسفة السلام ـاسبانياـ