جلست أشاهد جلسة مجلس المستشارين التي بثتها القناة الأولى مباشرة يوم الثلاثاء المنصرم وأستمع إلى وزير المالية وهو يتحدث عن آلاف الملايين من الدراهم التي يعلم الله وحده أي جيب أو جيوب تستفيد منها، وصدمت عند سماعي رئيس المجلس يقاطع تدخل أحد المستشارين ويصرخ بصوت عال قائلا "وابنادم وابنادم الوقت انتهى". صراحة لم استوعب الموقف وسألت نفسي إذا كان رئيس مجلس المستشارين من داخل المجلس، وتحت أضواء الكاميرات، وخلال بث مباشر على قناة فضائية يخاطب مستشار بهذا الأسلوب اللا أخلاقي فكيف سيتعامل هذا المسؤول وأمثاله مع المواطن العادي الذي يحرس السيارات والعمارات، والبطالي، والمتسول، والمعاق، وأطفال الشوارع، والخادمات، والعاملات، والموظفات، الخ. بالأمس القريب كنت أظن أن هذه الفئة الكادحة هي التي تبحث عن الكرامة أما من وصل إلى قبة البرلمان ومجلس المستشارين فيتمتع بحصانة ضد الإهانة، والحقيقة أننا والحمد لله في مغرب الديمقراطية والمساواة حتى المستشار والمسؤول يهان
نحن شعب تعودنا على إهانة الآخر، الكبار يهينون بعضهم والصغار كذلك، حتى أصبحنا لا نعرف معنى للكرامة. وهذا هو التحدي الذي يواجه الشعب المغربي حاليا. فالثورة أو الانتفاضة إن لم تنتج شعبا كريما فلا جدوى منها ولا من التغيير، خاصة ونحن نرى كل يوم على شاشة التلفزيون نفس الوجوه التي ساهمت في تحقير وإهانة المواطن المغربي تتكلم باسم الثورة وعن أهمية تغيير الدستور. وكأن المغرب بمجرد تغيير الدستور وتقليص صلاحيات المؤسسة الملكية سيتصدر ترتيب الدول من حيث التنمية البشرية
على هؤلاء الأشخاص الذين ساهموا من قريب أو من بعيد في الوضع الحالي للشعب المغربي أن يخجلوا قليلا ولا يستخفوا بالمواطن المغربي البسيط ويتعاملوا معه على أنه أغبى إنسان في الوجود، لأن المواطن المغربي رغم بساطته فهو ذكي بطبعه ويعي أن التغيير يجب أن يكون شاملا. هذا يعني أن تغيير الدستور ليس كافيا فالمطلوب محاكمة المسؤولين عن الفساد وانعدام العدالة الاجتماعية، وتغيير عقلية الأحزاب والمسؤولين وحتى المواطنين، لكي يصبح الجميع مواطنا صالحا، نافعا لنفسه ولغيره، يعتز ببلده ودينه وكرامته
هذا هو التغيير المنشود في المغرب علينا أن نشارك فيه جميعا انطلاقا من تغيير أنفسنا للأصلح "حتى تغيروا ما بأنفسكم" لأننا شاركنا في الوضع الراهن للمغرب بسكوتنا وقبولنا العيش بدون كرامة. لقد حان الوقت لنستيقظ جميعا ونصرخ بصوت واحد لا للاستخفاف بالمواطن المغربي والعيش بدون كرامة، لنجعل من هذه الانتفاضة انتفاضة الشعب والملك ضد كل من يعتبر نفسه فوق القانون، وضد الفساد، والمحسوبية، وانعدام العدالة، والرشوة وخصوصا الإهانة
No comments:
Post a Comment